بسم الله الرحمن الرحيم
تتابعت الأحداث في الأيام الماضية في قطاع غزة المحرر (مرتين)، وفي الضفة الغربية المحتلة، وأمام كل تلك الأحداث فهذه ثلاث وقفات؛ اثنتان منها قبل أن نسأل غزة عما جرى:
الوقفة الأولى: إن الحكم عن الشيء فرع عن تصوره، وفلسطين ليست حكراً على أحد؛ لا الشعب الفلسطيني ولا فصائله، فكل مسلم على هذه المعمورة له حق فيها، ولذا فإن من الواجب على كل مسلم غيور أن ينصح لأهلها، ومن حقه أن يكون له رأي فيما جرى..
ولكن يجب أن يكون هذا الرأي نابعاً عن معرفة بالأحداث ومسبباتها، لا أن يكتفي بمعرفة النتائج ثم يبدي الحكم دون نظر أو تأمل، فإن لم يكن قادراً على ذلك فإن هنالك من يكفيه هذا العناءَ..
وليتأمل أولئك المتساهلون في إبداء الرأي دون معرفة بالحدث قولَه عز وجل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69] قال سفيان بن عيينة لابن المبارك: "إذا رأيت الناس قد اختلفوا فعليك بالمجاهدين وأهل الثغور؛ فإن الله تعالى يقول: لنهدينهم".
وليس المراد أن المجاهدين وأهل الثغور في فلسطين لا يخطئون، ولكن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الخبر كالمعاينة".. أقول ذلك لأن البعض ربما لا يدرك مقدار الضرر الذي ينتج عن إبداء الأحكام دون تصور للأحداث..
وعند الجمع بين أهل الحق وأهل الباطل، لا سيما إن كان هذا الحكم فيه انتقاص وتثبيط للمرابطين على ثرى الأرض المباركة وتسرع في الحكم، ويخُشى أن يدخل هؤلاء في نطاق الخاذلين للمؤمنين في تلك الأرض المقدسة، الذين أشار لهم رسولنا صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على عدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم -وفي رواية أخرى أو من خذلهم - ولا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا يا رسول الله: وأين هم؟ قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس".. فإن لم تكن من الناصرين ولم تستجب لأمر المولى عز وجل في قوله: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: 72]، فلا تكن من الخاذلين.
الوقفة الثانية: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].. لا يمكننا أن نتجاوب مع ما يخرج لنا في وسائل الإعلام دون تأمل وتمحيص واستماع للطرف الآخر..
كيف وإن كان الطرف الآخر هم من عرف الجميع تضحياتهم وجهادهم وصدقهم، وقد توفر –ولله الحمد– وسائل إعلامية موثقة وذات مصداقية عالية تنقل لنا حقيقة ما يجري، ومنها قناة الأقصى ذات الإمكانات المحدودة والنتائج العظيمة، التي ساعدت كثيراً في تجلية الأمور وتوضيح الصورة للكثير.
أما عن ماذا نسأل غزة، فأقول:
اسألوا غزة عن عذابات السنين، اسألوا غزة عن أموال سرقت باسم أهلها المساكين وباسم القدس السجين..
اسألوا غزة عن اثني عشر جهازا أمنيا صنع خاصة للقضاء على المجاهدين.(تل أبيب) عنه في مستقبل الأيام بإذن الله.