أمن أم أوفى دمنةٌ لم تكلم ... بحومانة الدراج فالمتثلم
و دارٌ لها بالرقمتين كأنها ... مراجع وشمٍ في نواشر معصم
بها العين و الآرام يمشين خلفةً ... و أطلاؤها ينهضن من كل مجثم
وقفت بها من بعد عشرين حجةً ... فلأياً عرفت الدار بعد توهم
أثافي سفعاً في معرس مرجلٍ ... و نؤياً كجذم الحوض لم يتثلم
فلما عرفت الدار لربعها ... ألا انعم صباحاً أيها الربع و اسلم
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... تحملن بالعلياء من فوق جرثم
علون بأنماط عتاقٍ و كلة ... وراد حواشيها مشاكهة الدم
و فيهن ملهىً للطيف و منظرٌ ... أنيقٌ لعين الناظر المتوسم
بكرن بكوراً و استحرن بسحرة ... فهن و وادي الرس كاليد للفم
جعلن القنان عن يمين و حزنه ... و كم بالقنان من محلٍ و محرم
ظهرن من السوبان ثم جزعنه ... على كل قينيٍ قشيبٍ مفأم
و وركن في السبان يعلون متنه ... عليهن دل الناعم المتنعم
كأن فتات العهن في كل منزل ... نزلن به حب الفنا لم يحطم
فلما وردن الماء زرقاً جمامه ... وضعن عصي الحاضر المتخيم
سعى ساعيا غيظ بن مرة بعدما ... تبزل ما بين العشيرة بالدم
فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله ... رجالٌ بنوه من قريشٍ و جرهمٍ
يميناً لنعم السيدان وجدتما ... على كل حالٍ من سحيل و مبرم
تداركتما عبساً و ذبيان بعدما ... تفانوا و دقوا بينهم عطر منشم
وقد قلتما : إن ندرك السلم واسعاً ... بمالٍ و معروفٍ من الأمر تسلم
فأصبحتما منها على خير موطنٍ ... بعيدين فيها من عقوقٍ و مأثم
عظيمين في عليا معدٍ هديتما ... و من يستبح كنزاً من المجد يعظم
فأصبح يجري فيهم من تلادكم ... مغانم شتى من إفال المزنم
تعفى الكلوم بالمئين فأصبحت ... ينجمها من ليس فيها بمجرم
ينجمها قومٌ لقومٍ غرامةً ... و لم يهريقوا بينهم ملء محجم
فمن مبلغ الأحلاف عني رسالةً ... و ذبيان هل أقسمتم كل مقسم
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم ... ليخفى و مهما يكتم الله يعلم
يؤخر فيوضع في كتابٍ فيدخر ... ليوم الحساب أو يعجل فينقم
و ما الحرب إلا ما علمتم و ذقتم ... و ما هو عنها بالحديث الرجم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً ... و تضر إذا ضريتموها فتضرم
فتعرككم عرك الرحى بثفالها ... و تلقح كشافاً ثم تنتج فتتئمٍ
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم ... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
فتغلل لكم ما لا تغل لأهلها ... قرىً بالعراق من قفيز و درهم
لعمري لنعم الحي جر عليهم ... بما لا يواتيهم حصين بن ضمضم
و كان طوى كشحاً على مستكنةٍ ... فلا هو أبداها و لم يتجمجم
و قال سأقضي حاجتي ثم أتقي ... عدوي بألفٍ من ورائي ملجم
فشد و لم يفزع بيوتاً كثيرةً ... لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم
لدى أسدٍ شاكي السلاح مقذفٍ ... له لبدٌ أظفاره لم تقلم
جريءٍ متى يظلم يعاقب بظلمه ... سريعاً و إلا يبد بالظلم يظلم
جريءٍ متى يظلم يعاقب بظلمه ... سريعاً و إلا يبد بالظلم يظلم
رعوا ظمأهم حتى إذا تم أوردوا ... غماراً تفرى بالسلاح و بالدم
فقضوا منايا بينهم ثم أصدروا ... إلى كلأٍ مستوبلٍ متوخم
لعمرك ما جرت عليهم رماحهم ... دم ابن نهيك أو قتيل المثلم
و لا شاركت في الحرب في دم نوفلٍ ... و لا وهبٍ منها ولا ابن المخزم
فكلاً أراهم أصبحوا يعقلونه ... علالة ألف بعد ألف مصتم
تساق إلى قومٍ لقومٍ غرامةً ... صحيحات مالٍ طالعاتٍ بمخرم
لحيٍ حلالٍ يعصم الناس أمرهم ... إذا طرقت إحدى الليالي بمعظم
كرامٍ فلا ذو التبل يدرك تبله ... لديهم و لا الجاني عليهم بمسلم
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولاً ـ لا أبالك ـ يسأم
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته و من يخطئ يعمر فيهرم
و أعلم ما في اليوم و الأمس قبله ... و لكنني عن علم ما في غد عم
ومن لا يصانع في أمورٍ كثيرةٍ ... يضرس بأنيابٍ و يوطأ بمنسم
و من يك ذا فضلٍ و يبخل بفضله ... على قممه يستغن عنه و يذمم
و من يجعل المعروف من دون عرضه ... يفره و من لا يتق الشتم يشتم
و من لا يذد عن حوضه بسلاحه ... يهدم و من لا يظلم الناس يظلم
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ... و لو نال أسباب السماء بسلم
و من يعص أطراف الزجاج فإنه ... يطيع العوالي ركبت كل لهذم
و من يوف لا يذمم و من يفض قلبه ... إلى مطمئن البر لا يتجمجم
و من يغترب يحسب عدواً صديقه ... و من لا يكرم نفسه لا يكرم
و مهما تكن عند امرىءٍ من خليقةٍ ... و إن خالها تخفى على الناس تعلم