قال الأوزاعي، عن عثمان بن أبي سودة، أنه قرأ هذه الآية (والسابقون السابقون أولئك المقربون) ثم قال: أولهم رواحاً إلى المسجد، وأولهم خروجاً في سبيل اللّه، وهذه الأقوال كلها صحيحة، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات، كما أمروا، كما قال - تعالى -: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض).
وقال - تعالى -: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض)، فمن سابق في هذه الدنيا وسبق إلى الخير كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة، فإن الجزاء من جنس العمل وكما تدين تُدان، ولهذا قال - تعالى -: (أولئك المقربون في جنات النعيم).
وقال ابن أبي حاتم، قالت الملائكة: يا رب جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون، فاجعل لنا الآخرة، فقال: لا أفعل، فراجعوا ثلاثاً، فقال: لا أجعل من خلقت بيدي، كمن قلت له كن فكان؛ ثم قرأ عبد اللّه: {والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم} "رواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن عمرو موقوفاً".
=============
وذكر القرطبي - رحمه الله - في كتاب: الجامع لأحكام القرآن فقال:
(السابقون)، فأصحاب الميمنة هم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة.
=============
وذكر ابن القيم - رحمه الله - في كتابه حادي الأرواح:
فقال: والسابقون السابقون واختلف في تقريرها على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه من باب التوكيد اللفظي ويكون الخبر قوله أولئك المقربون.
والثاني: أن يكون السابقون الأول مبتدأ والثاني خبر له على حد قولك زيد زيد اي الذي سمعت به هو زيد كما قال
أنا أبو النجم وشعري شعري وكقول الأخر: إذ الناس ناس والزمان زمان قال ابن عطية: وهذا قول سيبويه.
والثالث: أن يكون الأول غير الثاني ويكون المعنى السابقون في الدنيا إلى الخيرات هم السابقون يوم القيامة إلى الجنات والسابقون إلى الإيمان هم السابقون إلى الجنان وهذا اظهر والله أعلم.
فإن قيل فما تقول في الحديث الذي رواه الأمام أحمد والترمذي وصححه من حديث بريدة بن الحصيب قال أصبح رسول الله فدعا بلال فقال يا بلال بم سبقتني إلى الجنة فما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي ودخلت البارحة فسمعت خشخشتك امامي